سيــــــــــــــادة القارئ

ليس كل مـــا قرأته صحيحــــــــــــا ،،، أرجو منك الإصلاح ، وشكرا لك

Senin, 12 Juli 2010

دع المـــــــــاضي للمـــاضي

"دع الماضي للماضي"
(مقالة أدبية عن المرأة المظلومة في الأمثال الشعبية)


هل من أحد يعرف حر النار قبل أن يمسكه؟ هل من أحد يعرف حلوة السكر قبل أن يذوقه؟ فالمعرفة لا تحصل إلا بالتجربة، والبشر من أول حياته يجرب الأشياء الكثيرة والمختلفة ثم يحصل بعد ذلك على المعرفة. والناس يحافظون على المعرفة التي اكتسبوها أو على التجربة التي جربوها عبر الأمثال الشعبية، لذلك يمكن أن نستكشف طبيعة الشعب بسهولة عبر الأمثال لأنها تمثل فلسفة الجماهير.
أحمد أمين طرح لنا تعريف الأمثال بقوله: "الأمثال نوع من أنواع الأدب يمتاز بإيجاز اللفظ وحسن المعنى ولطف التشبيه وجودة الكناية ولا تكاد تخلو منها أمة من الأمم". بالإضافة إلى ذلك، فالأمثال تختلف عن الشعر أو النثر الفني الآخر، إذ رأينا أن كليهما لا يعرفهما إلا من الطبقة الارستقراطية في الأدب، أما الأمثال فكل الناس في الشوارع كان أم في الأعالي يعرفونها جيدا لأن الأمثال عادة وليدة البيئة التي نشأت عنها.
وعبر الأمثال تنتقل المعرفة من جيل إلى جيل لأنها تعتبر تلخيص لتجربةٍ ما مرَّ بها الإنسان عبر حياته، ثم تداولها الناس وعبَّروا بها عن مواقف مشابهة. فالأمثال إذا، تلعب دورا هاما في تقديم آراء المجتمع عن شيء ما، مثل: قضية المرأة. كلنا نعرف أن من ميزات الأمثال أنها تستخدم الأسلوب الجذاب الإيجاز، فهل من وراءها حسن معاملة الناس مع المرآة؟! وكيف يرى المجتمع هذه المخلوقة؟! 
فليخرج من ساحة الأرض من ينكر أن المرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع سوء أكان بكونها كشخص، أو كبنت أو كأم أو زوجة فأنها لا تغيب عن الأمثال بل تحضر كثيرا فيها.  فعلى سبيل المثال فإن عدد الأمثال في كتب  الأمثال العربية التي يكون موضوعها شخصية الكهل لا تتجاوز (7%) من مجموع الأمثال، كما يأخذ الطفل نسبة (6%)، والشاعر (12%)، والأحمق (5%)، والفارس (17%). وتأخذ شخصيات غير بشرية كالطير نسبة (6%)، والحيوان مختلف أنواعه (10%)، والنبات (7%)، والشخصيات الغيبية كالغول والجن والهامة وغيرها (6%). في حين تأخذ شخصية المرأة ما نسبته (23%) من مجموع الأمثال.
حضور المرأة في الأمثال العربية والعالمية هل يدل على أنها محبوبة ومحترمة عند المجتمع؟ فلنلاحظ هذه النقاط التي تتحدث عن المرآة من خلال الأمثال الشعبية في العالم:
أولا: المعاملة مع المرأة غير المعاملة مع الرجل. "هل المرأة إنسان أم لا" أ هذا السؤال؟!؟! أعتقد أن السائل هو ليس إنسانا أو ربما هو إنسان لا عقل له، حسنا هو عاقل لا يفكر به. للمرأة رأس فيه مخل، عينان، أذنان، يدان، قدمان وعندها كل ما لدى الآخر، ولكنه ليس سببا أن تحصل على المعاملة الجيدة، من الأسف أن بعض الناس يعاملها كأنها ليست إنسانا بل كأنها مخلوق آخر خلقت لدور الحياة التافه مثل للمتعة والشهوة والأدوار الليلية لا غير. نجد المعاملة الغير إنسانية هذه عبر الأمثال: المرأة : طفل كبير سقراط و المرأة : رجل ناقص أمين سلامة .ورغم دور المرأة في حياة الإنسان واُنسه بها، إلاّ أنّها تبقى عندهم : حيوان بليد أحمق ولكنّه من بواعث الفرح والسرور سقراط .
ثانيا: المرأة قريبة من الشيطان، مثل ما يقال في الأمثل العربي: فالنساء حبائل الشيطان وفي الإسبانية: قبل أن يخلق الله الرجل، خلق الشيطان. وفي الهندية أيضاً نجد: حتّى الشيطان يرفع يديه بالدعاء ليأمن شرّ المرأة. وهي مرتبطة بالشر وليس لحيها قليل من الفضيلة، في الإيطالية: "كل شيء يأتي من عند الله، إلاّ المرأة" . ولذا تربط الأمثال ما بين المرأة والصفات السيِّئة.
ثالثا: المرأة تشبه الحيوانات، ولم يكن وجه الشبه فيه هو الجمال ولا الدور الأنوثي بل وجه الشبه هو في سلوكها وطريقة التعامل معها، بكل التأكيد أن التشبيه ليست من أجل المدح بل من أجل التحقير والهجاء، مثل ما وجدنا في الروسية : "الكلب أكثر فهماً من الزوجة، فهو لا ينبح على صاحبه".
رابعا: تعيش المرأة لا لنفسها، لأن الناس يجعلونها تعيش من أجل سعادة الرجل مثل خدمة في البيت وللزوج، هذا ما ذكر في فلسفية قديمة: "المرأة خلقت لتسعد الرجل"، فهي تعيش حياتها للرجل، لا لنفسها .
خامسا: أنها حمل ثقيل وعبء متعب، ومع كل ما تقدّمه المرأة للرجل من تضحيات، ومع أنّها تنفق راحتها وسعادتها لإسعاده ، إلاّ أنّ الرجل ينظر إليها وكأنّها حمل ثقيل بل شرّ لا بدّ منه : "النساء مشاكل ولكنّها مشاكل تلذ لنا مغالبتها" جيمس ادواردز .و "المرأة ضرر لازم" مثل فرنسي .
سادسا: أنها جالبة كل السيئات، من همّ ومرض وشؤم، فهي ـ في نظرهم  ـ رمز الشقاء والعناء، واللون الأسود من الحياة، رغم كل ما تحمله من جمال وأناقة وحيويّة وسرور، انظر إلى ما يقولون: "المرأة: هي المرض" بقراط .وفي الأمثال العربية: "همّ البنات للممات" ويقال أيضا: "الشؤم في النساء".
 حين نقرأ تلك النقاط المخيفة قد تعجبنا كثيرا بهذه الأمثال الظالمة للمرأة، ولكن من الممكن أن نستريح قليلا لأن غير تلك الأمثال التي تصف المرأة صوفا سلبيا فإنها تستثني وضع المرأة كأم، فإشارة إلى أهمية وجود الأم في حياة كل منا، هناك مثل يقول: "اللي ما عنده أم حاله يغُم". وإذا أردنا أن نستريح طول حياتنا من تلك الأمثال القاتمة، فلنعتمد على المبادئ الدينية السالمة، لأن الدين لا يضع المرأة إلا في مكان عالي محترم، مثل ما ذكر في الأحاديث الشريف عن المرأة: "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" و"استوصوا بالنساء خيراً" و"إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهُنَّ إلا لئيم".

فآباءنا وأجدادنا في تجربتهم قد يجدون المرأة كمخلوق غريب ومضير، ليس فيها خير، ولم يخلق إلا لأغراض تافهة، فكل نتيجة تجرباتهم مكتوبة ومحفوظة في الأمثال،ولكن هل نستطيع أن نتمسك بهذه الأمثال؟ أ نحن راض أن تكون المرأة مثل ما ذكرته الأمثال القديمة؟ فلترك ما للماضي للماضي، ولنتيح الفرصة لهذه المخلوقة المظلومة أن تقول للناس جميعا أن فيها رحمة ومودة وعفة وأنها تقدر على الحياة كحياة غيرها وأنها خلقت بمسؤولية عظيمة، وأنها جزء لا يتجرأ من المجتمع بالدور المهم بل إنها مدرسة الحياة.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar